لن أتكلم مع هذا الشخص مجددا… نظر إليه صديقه باستغراب وسأل: لماذا؟ ليجيبه الآخر: صرعنا بحرية التعبير وها هو ينتقد رأيي، وهذا ما لا أسمح به. ليرد صاحبه: هدئ من روعك يا صاحبي فما تفعله الآن نوع من أنواع المغالطات المنطقية، وهي تسمى مغالطة حرية التعبيرFree Speech Fallacy.

نظر إليه الآخر باستغراب وسأل: مغالطة حرية التعبير؟ ما هذه؟ هل يمكن أن تشرح لي؟ ليجيب صديقه: طبعاً.

كما نعلم، فإن التعبير عن رأينا ووجهات نظرنا حق مشروع لكل إنسان، وهذا لا يختلف فيه أحد، بل إن المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تبدأ بهذه العبارة لكل إنسان الحق في تشكيل وجهات النظر وله الحق في التعبير عنها، إذ إن هذا حق مقدس لكل شخص، ومن دونه لا يمكن التمتع بالحقوق الإنسانية الأخرى، مثلاً لا يمكن التمتع بحق التصويت في مجتمع يحظر التكلم والتبادل الفكري سواء على الصعيد الحياتي أو السياسي، ولكن…

لكن ماذا؟ لكن حق التعبير ليس حقاً مطلقاً فهو لا يمنح رأيك حماية من النقد، وهذا ما حصل معك وهنا تكون قد وقعت بمغالطة حرية التعبير كما أخبرتك. وهي الاعتقاد بأن حقك في حرية التعبير يشمل حقك في الحماية من النقد، إذ أنك ظننت بأن النقد الذي وجهه لك صاحبك ذاك، ليس سوى رقابة على رأيك أو كمن يحاول فرض رأيه عليك، وهذا الاعتقاد خاطئ أساساً.

وإن كنت تريد الحق، فإن حرية التعبير عن النقد متضمنة بحرية التعبير، إذ من حق أي شخص التعبير عن النقد، لكن بطريقة سليمة، وليس عبر التهجم بأشكاله سواء لفظي أو جسدي أو غيرها، كالتلفظ بخطاب كراهية والإساءة لأي شخص على أساس دينه أو عرقه أو جنسه أو غيرها، وأنا لا أعتقد أن صديقك فعل ذلك.

فعلاً، فقد انتقد رأيي، وأبدى وجهة نظره بكل هدوء ورزانة.

إذاً يا صديقي، فإن انتقاد صديقك لرأيك لا يعتبر إساءة لك ولا يعتبر تهجماً شخصياً عليك، بل من الممكن أن تكون وجهة نظره هي الصحيحة علمياً أو منطقياً، أو حتى من الممكن أن تكون فقط اختلافاً في وجهات النظر ليس إلا.  إلى أين؟

لأعتذر من صديقي عما بدر مني تجاهه. شكراً لك.